خلاصة RSS

Monthly Archives: جويلية 2021

مين معانا في التصوير؟

قبل أن ابدأ، أود أن اعترف بأن شهيتي للكتابة زادت كثيرا بعد ردود الفعل على التدوينة السابقة. استغرب كثيرا ممن يقولون بأنهم لا يهتمون لردود الأفعال وأنهم يكتبون لأنفسهم. حقا؟ تضحكون على أنفسكم؟ إذا كانت لأنفسكم لماذا تنشرونها إذا؟ والله لتعليق واحد بكلام يعبر فيه صاحبه عن مدى استمتاعه بما كتبت كفيل بأن يغير مزاجك ويجعلك ذاك الكائن الذي ينظر لجواله ويبتسم ابتسامة خفية كتلك التي يبتسمها من يصله “صباح الخير، كيف يومك؟” من محبوبه الجديد. شكرا لكم جميعا.

الموقف الذي سأحكيه اليوم حصل لي خلال تصوير إحدى حلقات برنامج نون النسوة. أعتقد عام ٢٠١٦ أو ٢٠١٧ لا أذكر على وجه التحديد. صحيح وبالمناسبة، اشتقت كثيرا لنون النسوة، وأعتقد بأن دافعي الخفي لعدم الكتابة والنشر هو الاحتفاظ بالأفكار والمواضيع لبرنامج آخر أو حتى ل Stand up Comedy Special يعرض على إحدى المنصات العالمية. نعم لدي مخططات ولكنها لم تنفذ للآن، وحتى ذاك الوقت فلنكتب وننشر، ولا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.

لمن يذكر نون النسوة، كانت الحلقات مقسمة لمونولوج أقوم أنا بتأديته مع مشاهد تمثيلية تدعم موضوع الحلقة. وعادة يقوم شخص مختص من الشركة المنتجة بالتخاطب مع الممثلين ليقوموا بأداء المشاهد. أثناء تواجدي في الستديو لتصوير الحلقة، كانت المسؤولة عن مخاطبة الممثلين تحدثني عن المصاعب التي مرت بها حتى تقوم بتوفير طاقم كامل للمشاهد والتي كانت كثيرة في تلك الحلقة. وحتى أضع القارئ في الصورة، هذه الموظفة أعرفها منذ فترة، وأعرف أنها أحيانا تقول كلاما غريبا وتتصرف بطريقة قد تبدو للشخص بأنها قليلة ذوق. بالنسبة لي كانت تضحكني لأني أشعر بأن ما تقوله يميل أكثر للخفة وسوء تقدير الأمور أكثر من كونه إساءة أو قلة ذوق، حتى حصل ما حصل.

بدأت دانيا (إسم مستعار) تحكي لي عن الممثل الذي اتفقنا أن يقوم بتأدية أحد المشاهد المهمة جدا في الحلقة. أخبرتني بأنه تزوج حديثا ولازال في مرحلة شهر العسل. بالمناسبة، أحب أحيانا الطريقة التي يتصرف بها المتزوجون حديثا بالذات من صغار السن. تجده يحرص عليها كل الحرص ولا يريدها أن تغيب عن ناظريه، وهي ترغب بالاحتفاظ به لأطول فترج ممكنة تحت ناظريها وتشعر بالتهديد من أي أنثى تعبر في مجاله حتى لو كانوا في مكان مزدحم بكل الكائنات الحية. أتذكرون ذاك الزوج الظريف الذي دخلتم معه للمصعد فاختبأت الزوجة وراء زوجها ليحميها من الأوباش والأشرار والهوام؟ أتذكرون ذاك الزوج الذي بدل مكان كرسيه في المطعم ليبعد الأنظار عن عروسه الجديدة؟ هذه التصرفات وغيرها تجعلني ابتسم، فليفرحوا بأيامهم الأولى مع بعض ومع الوقت ستتغير ديناميكية العلاقة وتختلف. فلتختبأ وراءه في المصعد وليغير مكان كرسيه، المهم أن لا يتعدوا على أحد لأن وقتها سنقول لهم “خييييييييير محد اتزوج غيركم؟ اقعدوا في بيتكم اذا الكون شرير ويبغى يفرقكم عن بعض، بلى في شكل شياطينكم بطلوا هبل”.

المهم بدأت دانيا تحكي لي بأنه أتعبها كثيرا حتى يوافق. تواصلت معه في البداية ورفض لأنه عريس ولا يرغب بالتصوير. حاولت معه مرة أخرى، وخلال تلك المكالمة قام بفتح السبيكر على الهاتف حتى تسمع عروسه المكالمة. وقام بسؤالها عن تفاصيل من سيكون متواجدا من الإناث خلال التصوير لأن زوجته لا ترغب بأن يختلط مع الإناث في هذا المجال إلا بحدود ضيقة جدا.

وبدأ الحديث الكارثي

دانيا: “اتخيلي يا هتون، يكلمني ويقولي مين حيكون موجود عشان مرته ما تزعل. يعني كأنه ما يعرفك. قلتله ترى مافي ولا أحد حيكون موجود غير دكتورة هتون، يعني مو أحد مز وحلو مرتك تخاف منه”

ماذا؟

مالذي قالته هذه الحمقاء؟ هل حقا باعت المشهد للممثل بطمأنة زوجته بأن الأنثى الوحيدة التي ستكون متواجدة (والتي هي أنا) لن تشكل أي خطر أو تهديد على حياتهم الزوجية لأنها ليست مزة بما فيه الكفاية؟

يا الله لماذا أمشي في هذه الحياة وأتعثر بالحمقى الذين لا يحسنون الكلام ولا التصرف؟

نظرت لها نظرة استنكارية طويلة، وانتظرتها لتعتذر.

دانيا: أيش في يا هتون؟

هتون: دانيا، من جدك مو عارفة أيش في؟ عادي اللي قلتيه؟

دانيا: والله أيش في يا هتون مو فاهمة، أنا قلت شي زعلك؟

كان يجلس معنا أحد أعضاء الفريق، وحين قالت دانيا جملتها “أنا قلت شي زعلك” التفت لها غير مصدق كيف من الممكن لشخص أن يتمتع بهذا القدر من الحماقة وسوء تقدير الأمور.

هتون: دانيا، انت من جدك تقولي عليا كدة ومتوقعتني أنبسط؟ ترى مرة قلة ذوق، ترى مرة يزعل، غلط غلط نقول على أحد مو مز، وكمان بتحكيني؟

دانيا وقد بدأت تشعر بالورطة: هتون والله انت عارفة اني ما أقصد،

هتون: طبعا عارفة إنك ما تقصدي وبالدليل إنك بتحكيني، بس ترى عيب وقلة ذوق ويزعل،

دانيا: والله يا هتون أنا اللي كنت أقصده إنه إنت يعني ست كبيرة ومحترمة مو أحد كدة صغير وطايش

حسبي الله ونعم الوكيل؟ ماهذه الكوارث؟ قاتل الله الغباء. لماذا لا تسكت دانيا؟ لماذا هي مستمرة بالكلام؟ ألا تعي بأن عملية فتح فمها بالكلام هي عبارة عن مشروع قنبلة لا ندري أين ستضرب؟ أليس لديها قرون استشعار لما يليق وما لا يليق؟

عضو الفريق المتواجد: لا يا دانيا كدة كثير

هتون: دانيا، ليش ما تسكتي؟ ترى من جد كل ما تفتحي فمك بتخبصي أكثر

دانيا: هتون لا تزعلي مني، انت عارفة اني ما أقصد

هتون: تقصدي ولا ما تقصدي، من فضلك وقفي كلام، مو حلو التخبيص كدة ترى عيب

دانيا: والله هوا وافق الحمد لله وأنا كنت بأحكيكي عشان عارفة انت ماشاء الله فرفوشة ودمك خفيف ما تزعلي

ماشاء الله ماشاء الله. ارموا القنابل اللسانية على الفرفوشين وحين ينتحرون قولوا والله لم نكن نقصد، يا الله كم أكره الغباء. يا رب اقتل الغباء، يا رب أريد الذهاب للجنة لأن لا غباء فيها.

هتون: فرفوشة ودمي خفيف بس ترى أزعل من قلة الذوق، مين قال عادي نخبص مع الفرفوشين وكأنه ما عندهم إحساس

دانيا وقد احمر وجهها: والله آسفة يا هتون بس انت عارفة اني ما أقصد

وأخيرا اعتذرت. وحقيقة بعد اعتذارها لم أكن أرغب بأن تفتح فمها أمامي مرة أخرى.

وصورنا الحلقة. وعاد العريس لعروسه سليما معافى ولم تأكله الذئاب ولم يمسسه سوء من الست الكبيرة التي صور معها.