خلاصة RSS

Monthly Archives: جانفي 2017

شورت الفاشونيستا

دأبت في الفترة الأخيرة على الإعتذار لمدونتي على الهجر الطويل كلما غبت عنها و عدت إليها، هذه المرة لن أعتذر لها، فبعد هذه العشرة الطويلة و التي امتدت لسنوات أظنها باتت تتفهمني و تتقبل أوبتي لها دون عتاب، آه يا مدونتي الحبيبة كم أنت وفية، ليت البشر مثلك (بدأنا الدراما، ترى مافي بشر نطنشه و يقبل بس الجمادات).

عموما، ألجأ للمدونة حين يخنقني تويتر بقلة حروفه و لا يسعني إنستجرام بسبب طبيعته البسيطة، فآتي هنا و اليوم لدي موضوع يصنف تحت بند “السوالف التشايدة”. تابع أغلبنا المناوشة التي وصلت لحد القذف و القدح و الشتم بين الفاشونيستا الشهيرة و ذاك الناشط في وسائل التواصل و الذي لا تنقصه الشهرة هو الآخر. قد يتبادر لذهن البعض العبارة الشهيرة “ليش تتابعونهم؟؟”،، و لهؤلاء نقول، نحن قد لا نكون متابعين لهم و لكنهم يهجمون علينا هجوما في كل وسائل التواصل. شخصيا أعترف بأن متصفح انستجرام هو تسليتي حين أرغب ببعض اللقافة البريئة، و وجدت هذه الحادثة حديث الإنستجرام فنبشت و قمت بتشغيل قرون اللقافة بفاعلية حتى أدركت السالفة بأبعادها المختلفة، و حقيقة كنت و لازلت مصدومة من حجم و هول التهم المتبادلة و التي لا نملك أن نقول لأطراف الحادثة سوى “عيب عيب و الله”.

بدأت مصادفة بسماع الرد من الفاشونيستا، و حقيقة قطبت حاجبي و استنكرت بشدة الألفاظ التي استخدمتها و الطريقة السوقية التي تحدثت بها، فذهبت لأرى المقطع الأساسي و الذي استفز الفاشونيستا لتقول ما قالته، و ليتني لم أسمع. كميه التعييب و التهجم في حديث الناشط كان في نظري وقحا جدا و لا يمكن تبريره أبدا، فإن لم تعجبك الفاشونيستا أو لم يناسبك أسلوبها فتستطيع نقدها و نقد أسلوبها و طريقتها دون شتمها و التعرض لها، أما حين قذفها و تعرض لشرفها فحينها كانت بالنسبة لي القاضية. بأي حق يسمح شخص لنفسه بالتعرض لشرف و عرض شخص آخر و إن اختلف معه أو كان سلوكه في نظره مشينا؟؟ من عينك قاضيا و جلادا؟؟ ألا تخاف من نتائج كلامك؟؟ ألا تخاف من رب العالمين الذي جعل أعراض البشر حرمة من حرماته و أغلظ العقوبة لمن يتعرض لها؟حقيقة غلى الدم في عروقي و غضبت جدا من قذف هذا الناشط و حقيقة تفهمت الرد البذئ من الفتاة، فالقذف مؤلم جدا و يجعلك ترد بقسوة و ضراوة.

و هكذا صرنا، “يتهاوش” إثنان و يقحم مستخدمي السوشال ميديا، و إن لم يكونوا متابعين، في صراعات غريبة و يسمعون و يرون أشياء عجيبة، حقيقة أستغرب، ما ذنب متابعي هذه الفتاة و غالبيتهم من الأطفال و المراهقين ليسمعوا أقذع الألفاظ منها لأنها قذفت؟ لماذا يتهجم هذا الناشط بهذا الأسلوب الوضيع و يقحم متابعيه معه؟ قد تكون هذه ضريبة الإنتشار الواسع في وسائل التواصل و لا أظنها بدعا لهذا الزمان فقط، فلطالما كانت الفضائح و التراشق اللفظي مواد دسمة لجميع وسائل الإعلام باختلاف الزمان بدءا من التشهير اللفظي العلني مرورا بالصحف و المجلات و انتهاء بهذا الإنتشار الواسع في وسائل التواصل، المهم أن يغلب صوت العقل في النهاية و يعي كل شخص مسؤوليته، كرهك لشخص لا يبرر لك شتمه على رؤوس الأشهاد، إشتمه في الديوانية، إشتمه بينك و بين نفسك و لكن لا تصرح بالشتيمة لأنها ستصبح حق عام، أستغرب أن تصدر هذه التصرفات ممن نحسبهم كبارا و ناضجين، ماذا تركتم للأطفال، عيب و الله عيب.

نأتي للجزء الآخر من المشكلة، ألا و هي تلك التصرفات الغريبة من بعض المستخدمات لوسائل التواصل (و بعض المستخدمين طبعا لكن سأركز على المستخدمات بحكم الإنتماء البيولوجي ليس إلا).و قبل أن أبدأ، أرجوا أن لا يفهم من كلامي أنني أبرر القذف و الشتم بأي صورة كانت، فأعراض الناس حرام مهما اختلفنا معهم و هذا ثابت لا جدل فيه. و لكن لنفكر معا، منذ متى كان الإستعراض بالأجساد و التصوير بوضعيات تظهر تقاسيم الجسد أمرا مقبولا في المجتمعات الخليجية؟ منذ متي كان الخضوع في الحديث و التقصع و التميع مقبولا و مبررا و مدرجا تحت بند “اوووو كيووووت دلوعة”؟لقد وصل الحال منتهاه و بتنا نرى الكثير و الكثير من الخلفيات المنفوخة حتى أكثر من الوجوه و التي لم تسلم من التنفيخ و من مباضع الجراحين. عزيزتي أنت لست كيوت أو دلوعة، أنت تمارسين أفعالا لا يصح ممارستها علنا بأي حال من الأحوال، و برائتك المزعومة حتما سيساء فهمها لأنك أنت من عرضت نفسك لأن يتحدث الجميع بدون استثناء عن شكلك و صوتك و خلفيتك، ألست أنت من عرضها؟؟ ماذا تتوقعين؟؟ أن يمتدح الكل جمالك و غنجك؟؟ طبعا لا، أقلها ستجدين من لا يجدك جميلة و سيبلغك بهذا ،قد تقولين لا يحق لأحد انتقاد شكلي و منظري، سنقول لك نعم إذا كنت صاحبة محتوى أيا كان نوعه، فإذا كنت تقدمين دروسا في اللغة، دروسا في العناية بالبشرة، تدوينات سفر مرئية، مقاطع فكاهية….الخ و جاء من عاب شكلك فهنا يحق لك الغضب، أما حين تكونين أنت المحتوى؟ حين تكون صورك و مقاطعك التي تستعرضين فيها جسدك و شعرك و بشرتك هي المحتوى فماذا تنتظرين؟؟ ألست أنت من ضرب بقيم المجتمع الذي يقدس الحشمة عرض الحائط و قررت لبس ما تشائين و التصور بكل الوضعيات بدعوى الحرية الشخصية؟ ألست أنت نفسك من اختاروضعية التصوير المثيرة و لبست ذاك اللبس المثير للجدل و عرضتيه بنفسك؟ لماذا إذن تصدمين من ردود الفعل “واااااااي شريرين متخلفين بس يهاجمون ما يفهمون الفن”، عزيزتي من أين أتيت؟؟ لماذا تتحدثين و كأنك من مواليد جنيف و تنشئة بيفرلي هيلز؟ أعود و أكرر، لا شئ يبرر الإساءة لأي شخص و التعرض له بالشتم و القدح و القذف، و لكن من المفيد تسجيل موقف رافض لهذه التصرفات بأي طريقة محترمة و مقبولة و أولها عدم المتابعة و حث الصغار على عدم المتابعة.

من الضروري جدا في ظل هذا السعار و الانتشار لوسائل التواصل أن نفند بند (الحرية الشخصية) والذي اتخذه الكثيرون ذريعة للإتيان بكل ماهو مشين و غير مقبول و عرضه على وسائل التواصل. عزيزتي المشهورة، تلك الملايين التي تتابعك هي مسؤولية و ليست ميزة، ليس من حقك   تحدي قيم المجتمع (لا أقول عاداته و تقاليده لأن بعضها بالي و عفى عليه الزمن) و الإتيان بأفعال غريبة ثم تغضبين إذا تم لفت نظرك. كل الشخصيات العامة حريتها مقيدة و هذا اختيارهم و أنت كذلك، تلك الملايين من المتابعين هم مصدر رزق لك فعليك أن تقدمي لهم ما يشبههم لا أن تأتي لهم بالغريب و المشين مستغلة صغر سنهم و شغفهم بأسلوب حياتك الذي ظاهره الحرية و الإنفتاح بلا حدود. الذي أستغربه أننا كمجتمع حساسون جدا ناحية الإعلان و نغضب إن شعرنا بأن  صناع الإعلانات التجارية لا يحترموننا. فمثلا نغضب بشدة اذا لم يلبس مقدم الإعلان الشماغ بالطريقة الصحيحة و قدم لنا إعلانه بأسلوب “هزا و الله ما كلام”، في حين تقدم لنا تلك العارضة منتجا من أحد محلات التجميل في واحد من أزقة الرياض أو جدة كاشفة جسدها بطريقة لا تمثل ١٪من فتيات الخليج و يا سبحان الله لا أحد يغضب أو يعترض إنما بالعكس “واااااو يا حلاتها و حلاة روحها” و يشترون المنتج كالمخدرين. لا نقول شيئا في أحد، نعم قد تكون جميلة الروح عالية الأخلاق لكن هذا التفسخ و التكشف لا يشبه  المجتمع فكيف تعلن له؟ أين عقول الفتيات؟؟ إنها عملية غسيل مخ كامل تجعلك تتناسي تماما ما تربيت عليه و ما تعلمته من تعاليم دينك و قيم مجتمعك التي تقدس الإحتشام و تجعل فتاة أمها قمة في الإحتشام و غالبية محيطها كذلك  تنبهر بمن كشفت ظهرها و فخذها و ما غير ذلك و انساقت لتشتري المنتج الذي تعلن عنه بدون سؤال حتى، و لا حول و لا قوة إلا بالله، لا أراها سوي دعشنة مضادة، فتلك تدعوا للإنغلاق و العنف و هذه تدعوا للتفسخ و الإنحلال، أمعقول أن تتصور فتاة في حوض إستحمام و يأتي من يبرر و يقول بأنها وضعية فنية لا تعني شيئا آخر؟؟ أراه تطرفا من نوع آخر.

لا أحد يحتكر الحق، و أنا نفسي الفقيرة إلى الله أعوذ بالله أن أدعي الكمال أو نصفه أو ربعه، فلدي أخطائي و كثيرا ما ينبهني المتابعون لبعضها و أحاول أخذها بعين الإعتبار، و بحكم تواجدي في وسائل التواصل من ٢٠١١ و بعد الإنتشار الكبير لبرنامج نون النسوة  بدءا من ٢٠١٢، أستطيع الجزم بأنني قد استقبلت كل الإساءات و الشتائم في وسائل التواصل و أعلم يقينا حجم الألم الذي تسببه بعضها، لذا لا أبرره أبدا تحت أي ظرف، لكن على كل المستخدمين و المؤثرين أن يراعوا حجم تأثيرهم، فهل حقا ستكونين فخورة إذا تحدت إحدى متابعاتك أهلها ؤ أصرت على لبس الشورت الذي لبسته لأنك كنت فيه جميلة كالملاك؟؟ نعم نحن لسنا مسؤولون عن تصرفات من يتابعنا، و لكن أولا علينا أن نعي و نذكر أنفسنا بحجم تأثيرنا قبل أن نأتي بأي فعل، نعم أيها المؤثرون لستم أحرارا في الظهور العام، و اذا كنت عزيزتي ترغبين بلبس ما لا يناسب طبيعة المجتع فالبسيه  لكن قاومي رغبتك بوضع الصورة على وسائل التواصل، فالأولى حريتك و الثانية مسؤوليتك.

و أخيرا، عزيزتي الراغبة بالشهرة و الإنتشار، أرجوك حددي مذا تريدين منذ البداية حتى تقي نفسك شر التخبط. عدم وجود أجندة واضحة لديك ستجعلك تسبحين مع التيار رغبة بالانتشار، فاليوم تنفخين شفاهك و بعدها تتصورين بطربقة متقصعة و بعدها تنفخين أجزاء أخرى لأن هذا ما يعجب المتابعين و يزيد “اللايكات”، ثم بعدها تبحثين عن نفسك فلا تجدينها.

نسأل الله أن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر.

هتون قاضي،

٢٤/١/٢٠١٧