تتمة الفرح
استقرت ماما في مكانها على الطاولة بجوار عيشة و بدأن بتجاذب أطراف الحديث ( كيف حالك يا عيشة, عساك بخير و كيف بزورتك ؟ سمعت إنك ما شاء الله صرتي مديرة مدرسة) تجيب عيشة بسعادة ( أيوة و الله يا أختي الحمد له صرت مديرة مدرسة, بس خليها بيني و بينك عشان العين, تعرفي الناس ما تصلي على النبي) تجيبها ماما متعجبة كيف ستتمكن عيشة من إخفاء حقيقة كونها أصبحت مديرة ( صح صادقة يا عيشة, أعتبريني ما سمعت و لو أحد سألني تعرفي إسم مديرة المدرسة الخامسة و السبعون بعد المليون حأقولهم سمعت إشاعة إنهم لغوا نظام المديرات) تهم عيشة بأن ترد على دعابة ماما التي لم تستسغها و فجأة يطن صوت مدوي ( بسم الله بسم الله أيش الصوت دا) قبل أن تفيق ماما من صدمتها فوجئت بالصوت يدوي مترنما (يقولوا ما قدر أجيييييييييييبه, ………………….., أجيبه يعني أجييييييييييييبه لو كان تحت الحراسسسسسة) تدرك ماما مصدر الصوت و طبيعته بعد أن أفاقت من الصدمة , تدير وجهها نحو منصة العروسين المتعارف على تسميتها “الكوشة” لتشاهد الطقاقة, تفاجأ ماما بالرغم من أن الصوت مصحوبا بإيقاعات من الواضح جدا أن مصدرها خارجي, إلا أن المنصة المخصصة للطقاقة كانت مزدحمة بالطقاقة و عددا كبيرا من التابعات, تهمهم ماما لنفسها على اعتبار أن الكلام وقت غناء الطقاقة هو رابع المستحيلات بعد الغول و العنقاء و الخل الوفي ( طيب الطقاقة و فهمناها, أيش كمية البشر المهولة دي, أيش وظيفتهم؟؟ يمكن يكون معهد الطقاقات أرسلهم تدريب, أو ممكن تكون ليهم وظيفة تانية مخفية, الله أعلم) يستمر الصوت بدويه معلنا نهاية آمال ماما بسهرة لطيفة, تشعر بأن الصوت عال بدرجة عصية على الإحتمال ( دايما في الأفراح الصوت عالي, بس اليوم مو معقول شئ يصنج) تحاول ماما البحث عن سر الصوت المدوي , تتلفت حولها لتفاجأ بأنها و لسوء حظها جالسة أمام واحدة من السماعات الضخمة المنتشرة في أرجاء القاعة ( لا حول و لا قوة إلا بالله, يعني مو كفاية مشيت بالكعب لآخر القاعة عشان أسلم على عيشة تقوم تطلعلي السماعة دي, يا ربيييييييي أيش أسوي و كيف أتصرف) بينما تفكر ماما في حل, يتوقف الصوت فجأة معلنا إنتهاء الأغنية الأولى, تتلفت ماما لعيشة قائلة ( هيا الحمد لله وقفت الشوية, يقدر الواحد يهرج هرجتين ) تلتفت عيشة لماما و تردف ( إيوة كويس, عشان أعرف أرد عليك, قال لغوا نظام المديرات, ليش يعني ……………..) فجأة يضيع صوت عيشة على وقع الصوت القادم من السماعة الواقعة خلف الطاولة, تفكر ماما بإيجاد حل سريع, فالسهرة و كما هو واضح قد بدأت لتوها و الاستمرار على هذا الحال قد ينتهي بفقدانها السمع على الأقل في إحدى أذنيها, تنظر ماما للسماعة الضخمة بيأس, و فجأة تخطر لها فكرة جهنمية ( يا سلااااااااااااااام أنا من هنا شايفة الأسلاك, ببساطة أفصل الأسلاك من السماعة و أعيش بسلام بقية الفرح, أهم شئ محد يشوفني من الفرقة) تحرك ماما كرسيها للوراء و تقترب من السماعة و بهدوء شديد تسحب السلك, و فجأة و قبل أن تعود ماما بالكرسي لمكانها, تشعر بيد باردة على يدها ( ما شاء الله ما شاء الله, تحسبينا قاعدين نايمين على الكوشة, مين سمحلك تفصلي السلك, إذا منزعجة و ما تحبي الوناسة أيش جابك الفرح) تتلفت ماما و قد ألجمتها المفاجأة لمصدر الصوت لتجدها إحدى رفيقات الطقاقة, تتمتم بلهجة معتذرة ( و الله أنا آسفة حقك عليا, صح معاك حق أنا كيف سمحت لنفسي أضيع مجهود الطقاقة العظيم بفعلتي الشنيعة, حقك عليا) تنظر الرفيقة لماما شذرا و تردف ( طقاقة مين إنت فين عايشة, هذه فنانة) تغادر الرفيقة المكان بعد أن أصلحت السلك و رمقت ماما بنظرة أخرى محذرة من أن تسول لها نفسها القيام بهذا العمل المشين مرة أخرى, تحادث ماما نفسها ( صار كدة, وحدة من وظايف الرفيقات مراقبة كل الحاضرات عشان ما وحدة تفصل سلك, طيب أيش وظيفة البقية) تنتهي الأغنية الثانية و تتلفت عيشة لماما, تدرك ماما ما ينتظرها من عيشة ( يا ربييييييي أيش الورطة دي, دحين عيشة ما راح يهدالها بال ألين ما تهزأني على التعليق اللي ماله داعي, يعني ما لقيت تعليق غير كلمة لغوا نظام المديرات, خليني أعتذر بسرعة) همت ماما أن تباغت عيشة بالإعتذار لتفاجأ بالصوت يدوي من السماعة, هذه المرة على أغنية ( يا تاااااااااكسي, ……………. يا تاكسي,……….. عطر رومنسي) ما إن بدأت الأغنية حتى انتفضت القاعة و قامت أكثر من نصف الحاضرات من ضمنهن عيشة للرقص, شغلت ماما نفسها بالنظر إلى الراقصات و قد انسمجن في الرقص على الأغنية, نظرت إلى النصف الثاني من المنصة لتجد اثنتان من رفيقات الطقاقة و قد انسجمن في وصلة رقص مع توزيع النظرات على كل الحاضرات ( أها فهمت, يعني الوظيفة التانية للرفيقات هي الرقص مع توزيع نظرات مغزاها و العلم عند الله ” ههه اتحدى أحد يرقص زينا, قروا في مكانكم أحسن” ), تنتهي الوصلة و تعاود عيشة الجلوس بجانب ماما و تمازحها و كأن شيئا لم يكن ( و الله كويس الأغنية و الرقصة رجعوها للموود, على الأقل أقدر أتونس معاها) تحاول ماما مرة أخر أن تفتح موضوعا للحديث فيدوي الصوت و يستمر الرقص حتى تبدأ علامات قرب زفة العروس و التي تكون عادة على صورة موسيقى هادئة, تتدافع النساء على إثرها لإحضار عباءاتهن في معركة مع الوقت خوفا من أن يداهمهن العريس على حين غرة, تبدأ الزفة و تتهادى العروس و تبدأ الهمهمات ( ما شاء الله زي القمر ) ( وه إيشبه شكلها كدة, شكلهم صرفوا على الفرح و استخسروا في الكوفيرة) ( و الله العريس أحلى من العروسة) ( وه وه كاميرا, أما مصورة ما تستحي) تنتهي الزفة حوالي الثالثة صباحا و تتقاطر السيدات على البوفيه, تدخل ماما و عيشة إلى البوفيه و يفاجأن بصف طويل من السيدات, تأخذ ماما مكانها آخر الصف و تلتقط طبقا و تنتظر دورها, يطول انتظارها فتمد نظرها لتعرف السبب, وجدت ماما أنها الوحيدة الواقفة في الصف, تكمل المشي محاولة تجنب الاصطدام حتى تأخذ حاجتها من البوفيه و تعاود الجلوس بجانب عيشة, تنهي ماما الأكل و تفتح حديثا آخر مع عيشة و يداهمهن الوقت و تجد أنها و عيشة قضين نصف ساعة في الحديث تتلفت حولها لتجد المكان و قد خلا من أكثر من نصف الحاضرات مخلفات منظرا مريع, أطباق مكدسة فوق الطاولات و قد امتلأت على آخرها بشتى أصناف الطعام و قد بدأت العاملات برفعها و رميها مباشرة في سلة المهملات ( يا ربيييييييييييييييييييي أرحمنا, أيش كفر النعمة دا , يعني هو البوفيه حيطير, ليش لازم الناس يعبوا صحونهم زي جبال الهيملايا و كأنه إعلان الحرب “بره و بعيد” بكرة و كأنهم بياكلوا في آخر زادهم, يعني لو ياكلوا ما في مشكلة عليهم بالعافية لكن أيش المنظر دا, يا ربيييييييييييي أرحمنا و اجعلنا نحافظ على النعمة) ( هيا أمي ما تبغي تروحي بيتك؟) ( يلا يلا خليني أكلم عبد الصبور) تتصل ماما بعبد الصبور ( هيا الله يرضى عليك جيب السيارة) يهدر عبد الصبور ( إنت في كلم مدام إنت بس إجلس واهد ساءة, إنت إجلس 4 ساءة, أنا خلاص روح بيت إنت كلم ليموزين) تطلب ماما بانكسار من عيشة أن توصلها و هي تدعوا للعروسين بالتوفيق
هتون قاضي