و لله الحمد و منه المنة، تم حفل عقد قران شقيقتي الصغرى على خير، لم يتسنى لي الحضور بسبب تواجدي في بلاد الفرنجة و لكن (أهل الخير) لم يقصروا و تم نقل الحفل حياً على الهواء .و من منبري هذا أتوجه بخالص الشكر للأخ (واتس أب) و أعوانه من سكايب و غيرهم و الذين قربوا لنا البعيد و أبقونا على تواصل (اذا تغاضينا طبعاً عن الهوائل المرسلة عن طريق الواتس أب).
و طبعاً كعادتي، أظهرت التجلد و الترفع في حين أنني أتحرق شوقاً و رغبة في التواجد مع أهلي في هذه المناسبة، و لكن جبار المنكسرين تحنن على ضعفي و أرسلني في إجازة نهاية أسبوع غير مخطط لها لعاصمة الضباب لندن.
وصلنا الفندق و تناولنا العشاء في مطعم ياباني، و لمن جرب تناول الطعام في أحد هذه المطاعم (و التي يتم فيها طهي الطعام أمامك) فسيعلم حجم (البخور) الذي ستتنشقه و يعلق في ثيابك، و لن تشعر بفداحة الرائحة حتى تخرج للشارع و تلاحظ أن رائحة ثيابك من الممكن شمها عن بعد ميل كامل، و طبعاً دخلت عائلتي ببخورها الفندق بعد الوجبة و كان الوضع ليس كووولاً أبداً رُغم أن ذهابنا للمطعم الياباني في حد ذاته يعتبر خطوة متقدمة في مشروع (العائلة الكووول) و الذي يقتضي عشق الياباني و الإيطالي و الفرنسي و الترفع التام عن الشعبي.
بدأت روتين الاستعداد للنوم و أخرجت حقيبة الأدوات الشخصية بحثاً عن الكريم المرطب (اللوشن باللغة الكولية) و مزيل مساحيق التجميل لأفاجأ بنسياني لكليهما. طبعاً من يعرفني شخصياً يعرف زهدي الشديد في استخدام أدوات التجميل و أن علاقتي اليومية بها لا تتعدى الأدوات البسيطة التي تضع الحد بين المنظر (المفقع) و المنظر النشيط (الفريش)، أما هرطقات (النايت كريم) “مرطب المساء” و (الداي كريم) “مرطب النهار” و كريم الهالات السوداء و الحمراء و زبدة الركب و كريم تفتيح مسامات الطبقة الأقحوانية من البشرة السفلية و الطبقة العلوية فمعرفتي بها لا تتعدى معرفتي بالكائنات الأسطورية ،و دائماً ما أشعر بأن الإعلانات التي تسوق لهذه المنتجات تخاطب الجميع باستثناءي شخصياً، لكن طبعاً لا أستغني عن مرطبي اليومي و هو مثل ( الثوب الأخضر في كل محضر) يستخدم في الصباح و المساء و ما بينهما من أوقات مشتبهات بالإضافة لمستحضر إزالة أدوات التجميل و الذي أزيل به آثار مساحيقي التجميلية و التي هي مثل (عُد غنماتك يا جحا) لا يزيد عددها عن أصابع اليدين ( ليس اليد الواحدة، عندي أشياء مو مرة ما عندي :)).
نسياني لهذين المستحضرين أشعرني بورطة شديدة، فماذا سأفعل بآثار قلم الكحل و الذي (ساح) و استباح كامل صفحة الوجه؟؟ ماذا سأفعل بدون المرطب في هذا الطقس البارد الجاف؟؟
فجأة شعرت بحالة رثاء لحالي، ألهذه الدرجة أنا عاجزة؟؟ ألهذه الدرجة غياب علبتين صغيرتين يضعني في ورطة؟؟
كم من الأشياء تعلقنا بها و ربطنا أنفسنا بها و غيابها يشكل بالنسبة لنا ورطة تستعصي أمامها الحلول؟؟
ماذا عن معجون الأسنان، الشامبو، مزيل رائحة العرق (يا ريته ورطة عند كل الناس عشان يرحمونا)، القهوة، الشاي، الهاتف النقال، الإنترنت، ……و تطول القائمة.
فجأة شعرت بمقدار ضآلتي و أنا أقف عاجزة أمام خطين من الكحل، صورت لنفسي أن روتيني سيتأثر بغياب مستحضرين زهيدي القيمة. قمت بغسل وجهي بالماء و الصابون و تغاضيت عن انزعاجي من منظري و من جفاف بشرتي لكن شعوري بالضآلة كان هو الغالب.
فعلاً، الرفاهية ترفع سقف مطالبنا و توقعاتنا، تجعل الكماليات أقرب ماتكون للضروريات، ليس هذا فقط و إنما نصور لأنفسنا أنها ضروريات و الحياة بدونها صعبة جداً، في حين أن سنة الحياة هي أنها مستمرة مالم يأذن الله بنهايتها.
لم أمت بدون المرطب و لم يلحظ أحد سواي جفاف بشرتي و آثار الكحل السائح، يا ترى كم من المشاكل نضخمها و نصدقها في حين أنها لا تُشكل شيئاً يُذكر؟؟نسأل الله دوام النعمة.
و الأجمل من هذا، اكتشفت بعد حفلة اللوشن نسياني لأغطية رأسي و لا يوجد عندي سوى غطاء الرأس الذي تشبع برائحة السمك و الجمبري المشوي، و كان (ويك إند) سلطة و لله الحمد.
هتون قاضي
٢٢/١٢/٢٠١٢