خلاصة RSS

أول أيام الجامعة

Posted on

وقفت زينب أمام بوابة الجامعة الخاصة و التي تمكنت, نظير تفوقها, من الحصول على منحة كاملة للدراسة فيها, تأملت البوابة الفخمة و السيارات الفارهة التي اصطفت أمامها و خطت أولى خطواتها في أول أيام الدراسة و ذلفت داخل البوابة يحدوها أمل كبير, فأخيرا ستتمكن من إكمال دراستها بعد انقطاع دام عاما كاملا بذل والداها خلاله جهدا عظيما لإلحاقها بأي جامعة نتيجة لعدم استحقاقها للإنتساب لأي جامعة سعودية بسبب موضوع الجنسية, فهي بالرغم من ولادتها و نشأتها في البلاد إلا أن والدها لم يتحصل على الجنسية. تذكرت المحاولات المضنية و الدموع الغزيرة و الليالي الطوال التي قضتها بحثا عن أي فرصة و لو عن بعد, إلى أن تهيأت لها فرصة التقديم في هذه الجامعة الخاصة. تقدمت زينب بأوراقها للجامعة و تم قبولها بعد سلسلة من الإختبارات للتحقق من أهليتها للمنحة و التي من ضمنها زيارة ميدانية لمنزل المتقدمة للتحقق من وضعها المادي .
دخلت زينب المبنى الكبير و بدأت بالتأمل حولها, كل المظاهر توحي بالأناقة و الفخامة, المكان نفسه ليس بجديد عليها, فقد زارته مرات عديدة خلال مرحلة التقديم و لكنها لأول مرة تجده عامرا بالطالبات. جرت زينب لأقرب حمام لتلقي نظرة على مظهرها, نظرت لانعكاس صورتها في المرآة و تفحصت الطقم الذي ترتديه و الذي  بذل والداها مجهودا  كبيرا خلال الإجازة الصيفية لتوفيره لها بالإضافة للمجهود الإضافي لتوفير الحذاء و العباءة  و الحقيبة, نظرت بجانبها لإحدى الطالبات و هي تعدل من وضع بنطلون الجينز ذي الماركة المشهورة , تأملت زينب الطالبة و شاهدتها و هي تلقي نظرة غير راضية على زينتها تخرج على إثرها حقيبة الماكياج من الحقيبة الضخمة التي تحمل عنوان ماركة مشهورة كانت زينب تظنها قصرا على سيدات المجتمع المخملي فقط.  بدأت زينب, بأعوامها السبعة عشر, تشعر بعدم ارتياح و قررت إبقاء عباءتها عليها . بدأت زينب بمراجعة جدولها لتعرف أماكن محاضراتها, كانت أولى محاضراتها تبدأ الساعة العاشرة, ألقت نظرة على ساعتها ووجدت ان أمامها حوالي الساعتين قبل موعد بدأ المحاضرة, فهي مجبرة على الحضور يوميا من الساعة الثامنة نظرا لارتباطها بمواعيد الباص. قررت أن تذهب لتتناول إفطارها في الكافتيريا المخصصة للطالبات. دخلت الكافتيريا الأنيقة و و اختارت طاولة جانبية لتضع عليها حقيبتها قبل أن تتوجه لشراء ما تحتاجه, حملت معها العشرة ريالات و التي قرر والداها منحها إياها بصفة يومية كمصروف يد و توجهت لثلاجات العرض.  اختارت ساندوتش و كوبا من العصير الطازج و توجهت للحساب, نظرت المحاسبة في طلبات زينب ووجهت إليها كلامها ( 12 ريال مام) فوجأت زينب بالرقم و استفسرت من العاملة عن الأسعار (ساندوتش مام 6 ريال آند فريش جوس 6 ريال) شعرت زينب بالحرج البالغ و احمر وجهها من الخجل, قررت بسرعة أن تبدل العصير الطازج بآخر معلب و أخذت طلباتها إلى الطاولة و قد فقدت شهيتها للأكل. أخذت تراجع حساباتها و قررت أن تحضر طعامها معها من المنزل و أن تحتفظ بالعشرة ريالات يوميا لتتمكن من شراء أغراض أخرى تمكنها من الظهور بمنظر أكثر لياقة. خرجت من الكافتيريا و لا زال لديها ساعة كاملة قبل موعد المحاضرة, تجولت في أرجاء الجامعة و مرت بالمكتبة و أعجبت بها و بأناقتها ووفرة كتبها و قررت أن تمضي بعض الوقت فيها. أنهت زينب الساعة المتبقية في المكتبة و توجهت بعدها لقاعة المحاضرات. دخلت القاعة قبل الموعد بخمس دقائق و تخيرت لنفسها مكانا في الصف الثاني. أخذت بدون و عي تسترق السمع من الأحاديث الجانبية للطالبات ( واو مرة ماربيا كانت حماس ذيس يير “هذه السنة”. البيتش كان مرة يحمس حتى شوفي التان اللي أخدته و كمان الكونسرتس ” الحفلات” كانت السنة غير شكل) ( الشوبنج السنة في لندن ما كان واو حتى الهاند باغز “شنط اليد” ما كانت مرة واو بالقوة لقيت الشنطة اللي أنا شايلتها دي) ( ذيس يير مرة ما كان السمر ” الصيف” حلو, بابا قرر إنه نسافر بس باريس و أنا خلاص مرة طفشت من باريس بس برضه كان الشوبنج نايس “حلو” ) راود زينب شعورا قويا بعدم الإنتماء و تلفتت حولها بحثا عن أي طالبة تجلس بمفردها لتجاذبها أطراف الحديث. وقع نظرها على طالبة تجلس في آخر القاعة الدراسية و قررت أن تذهب إليها لتحادثها, فهي بطبعها اجتماعية و تحب الحديث, و بينما هي في طريقها إليها دخلت الأستاذة معلنة بداية المحاضرة, عادت زينب إلى مكانها و هي تنوي معاودة المحاولة للحديث مع الفتاة بعد أن تنتهي المحاضرة. انتهت المحاضرة و حاولت زينب اللحاق بالطالبة قبل أن تختفي, ذهبت إليها زينب و بدأت بالتعريف بنفسها. عرفت الفتاة أيضا بنفسها و فوجأت زينب أن الفتاة  ليست مستجدة و لكنها في السنة الثانية, تساءلت زينب عن سبب جلوسها وحيدة , استرسلت الفتاة و شرحت لزينب أنها عاشت مع والديها في الخارج منذ ولادتها و لكن والداها قررا ان تعود لتدرس المرحلة الجامعية في بلادها رغم محاولاتها المستميتة, شرحت أنها بالرغم من مرور عام كامل إلا أنها لم تتمكن من التكيف مع الوضع (إنت مستوعبة أيش بيصير؟ من يوم ما دخلت القاعة سمعت شئ غير واو فين رحنا و فين جينا و أيش اشترينا؟ ما في أحد حاسس بأحد الكل محسب إنه كل البنات زي بعض. المفروض إدارة الجامعة  تتدخل و تمنع المسخرة دي, إنت شايفة ملابس البنات و شنطهم اللي شايلينها؟؟ بالله أيش يسووا بقية البنات يروحوا ينتحروا يعني ) فوجأت زينب من ثورة الفتاة و احتفظت بشعورها و تعليقها, فهي بالرغم من انكسارها و حزنها منذ أن وطأت أقدامها الجامعة في الصباح إلى أنها واثقة من أنها ستجد صديقات يطابقنها في التفكير أو على الأقل يشاركنها بعض الطباع و الأفكار بحيث تكون أرضية مشتركة لأي حديث. لم تستطع زينب بالرغم من قناعتها منع المشاعر السلبية من التسلل إليها و شعرت بضيق شديد. أنهت يومها و جلست تنتظر الباص راغبة بشدة في العودة لبيتها و الاندساس في سريرها حيث لا يراها أحد.
هتون قاضي
10\12\2010

About Hatoon

A writer, Assistant Professor and media personnel. I always claim I am cooool but I am not, check my youtube channel Noon Al Niswa ww.youtube.com/user/NoonAlniswa

تعليق واحد »

  1. الســــلام عليـــكُم وَرحمةُ اللهِ وَبَرَكَاتُــــه

    استاذة هتون القاضي..•
    كل مااردتُ قوله، شكراً لك،
    شكراً لكِ لأنكِ اشبعتِني ضَحِكاً، وابتسامة.. ثم رسالة مفادها، انتبهوا على تصرفاتكم فقد تؤذي مشاعر، وتُحبِطُ عزيمة،،

    شكـــ❤️ــراً لك لاهتمامك ” بالكولنة” فقد وصلنا نحن معاشر البنات والنساء بعض الاحيان الى هذا المستوى، من التصنع، من اخفاء شخصياتنا الحقيقية لاجل البرستيج..

    فعلاً شكراً لكِ من القلب…”

    رد

اترك رداً على Maya إلغاء الرد