خلاصة RSS

Author Archives: Hatoon

أنا نجم بس مفيش سماااااا

وبعدين كل ما أخد خطوة أرجع إثنين
العمر بيجري سابق السنين
أنا شاب لكن من جوه عجوز
عندي جناحات بس محبوس

مجروح بنزف طموح
بدمي بكتب كلامي وأبوح
بسرح بتخيل بروح
بغني ترد فيا الروح

يمكن ده مش مكاني أو الزمن ده مش زماني أو أنا موهوم
يمكن خيالي وداني لدنيا أو لعالم تاني أو أنا مجنون
أو يمكن

أنا نجم بس مفيش سما
عندي جناحات بس مفيش هوا
أنا نجم بس مفيش سما
عندي جناحات بس مفيش هوا

كنت في السيارة مع ابن أختي مهند بالرياض في آخر يوم من أيام منتدى مستقبل الاستثمارFII، والذي كان في رأي أفضل حدث حضرته في العام، كنت في حالة غريبة من الشعور بالرضا والطموح مع شعور خفي أصبحت أتقبله كجزء أصيل من شخصيتي وهو أنني لازلت لم أفعل شيئا في حياتي وأن العالم تقدم وأنا لا زلت لا أبرح حتى أبلغ شيئا لا أعلمه. تدربت حرفيا على التعامل مع هذا الصوت بمناقشته بالمنطق والحقائق والتي تدحض ادعائاته. ما علينا، فهذه كما أسلفت حالة هتونية لا منطقية أسميناها في العائلة حالة (الهتن)😄، ولعل وجود مهند معي في السيارة وهو المتخصص بحالات الهتن نظرا لقربه الشديد مني طمأنني بأن الحالة لن تستمر، حتى قام بتشغيل أغنية (أنا نجم) لفرقة كايروكي المصرية والتي كتبت مقاطع منها في بداية التدوينة.

يا الله يا الله. أعادتني الأغنية لمكان مظلم جدا من عدة سنوات، لفترة من حياتي كنت فعليا أشعر فيها بأنني لست فقط عديمة الجدوى وأن الأكسجين الذي اتنفسه هو حق مغتصب من إنسان آخر يستحقه أكثر مني، بل كنت أشعر بأن الكنبة التي أجلس عليها، والتي اشتريتها بحر مالي الذي اكتسبته بتوفيق الله ثم جهدي، تنبذني وتحتقرني. كنت وكأني أسمع صوتها وهي تقول (من جد لك وجه تجلسي عليا؟ هذه الجلسة يا هانم استحقاق وليست حق، هيا للمنجزين اللي أدوا دورهم في الحياة فاستحقو تبطيحة مريحة ومسلسل. تعرفي، حلو على قلبي يناموا عليا المنجزين مع إني مو سرير، بس انت🙄؟) نعم، كنت أنا، ولا أحد غيري المسؤولة الأولى عن تعطيل عجلة التنمية.

حسنا أيها السادة، فلنتفق أن هذه مساحة حرة آمنة خالية من الأحكام😅، ومن قرأ كتابي يعرف بأنني لك أكن لأكتب ما كتبت لولا أنني كنت مسبقا قد أحضرت (الايجو) الخاص بي وصليت عليه صلاة الميت وتحررت بعدها من المحالولات المستميتة لرسم صورة مثالية عن نفسي، فلنكمل إذا بعد هذا التنويه😄.

كنت أشعر بأنني نجم بس مافيش سما، أعلم وأدرك تماما حجم إمكانياتي ومكتسباتي والتي أستطيع قياسها بالشهادات العلمية والخبرة العملية بالإضافة لعملي الإعلامي والذي حقق نجاحا استثنائيا في فترة مليئة بالتحديات، ولكن كل هذا معطل. كل هذه الطاقة محبوسة ومكبلة، كنت فعليا:

وبعدين سامع جوه مني صوتين
صوت سابقني والتاني قديم
صوت يدل، وصوت يضل
صوت يحرر، وصوت يشل

وبعدين أروح لمين؟
بحلم ببكرة أنا طول الليل
يجي النهار وأصطبح
كل اللي حلمته بيتمسح

أوقات بحس إني سابق
إنتوا عايشين في الماضي وأنا معاه بتخانق
مكان أنا شايفه مش هنا
أحلامي أقوى مني ومكملة

صوتي الداخلي كان أعلى من أن اتجاهله، كان ينهشني ويمنعني من عيش تفاصيلي اليومية دون الشعور بالتأنيب. زارتني يوما صديقتي المقربة، والتي عرفنا سويا بالتخاطر، وسألتني مابي. أخبرتها ببساطة أنني طاقة مهدرة، وحين يسألني الله عن عمري فيما أفنيته وشبابي فيما أبليته لن يكون لدي إجابة. كل هذا لأنني لفترة بسيطة لم أكن على قدر توقعاتي من نفسي. وكشخص يستمد شعوره بالقيمة والتقدير مما يفعل وينجز، كنت مرجلا يغلي ويغلي وبدل أن ينفجر، يخبو ويذبل وينتهي. ماذا أفعل يا الله بهذه الطاقة؟ كيف أصرفها؟ كيف أتعامل مع هذا الصوت الداخلي الذي ينهشني؟ ولعل السؤال الأكبر، هل فعلا كل مكتسباتي لها قيمة أم أنها حتى هي لا فائدة حقيقية منها؟ يا رب لك المشتكى.

الغريب في الموضوع، وهو ما اتذكره واستغرب، هو أنني لم أكن خالية تماما وقتها. كنت قد أنهيت كتاب (١٩٨٠، بين جيلين) وبدأت في تسويقه وحقيقة كان استقباله من القراء حافلا وتمت لحد الآن مناقشته في أكثر من عشر نوادي كتب، ولكن لم يكن هذا كافيا، إن لم أكن على قدر توقعاتي من نفسي فلن اتوقف عما أفعله بنفسي، أعانك الله على هتون يا هتون. طبعا لم تستمر تلك الحقبة لوقت طويل، وفرجها الله كما يفرج كل كرب وكما يفتح كل منغلق، ولكن، هل على قدر الطاقة؟ لا أدري صراحة. عملي في التعليم هو رسالتي في الحياة. لمعة عيون طلابي حين يستوعبون مفهوما جديدا، حين يخبرونني بمدى فائدة ما ناقشناه في أحد الفصول وكيف أفادهم في حياتهم العملية كلها أشياء تشعرني بمدى قيمة ما أقدمه. أما ال (هتن)😄، فلعله قدري في الحياة. كما أسلفت حين يلح علي هاتف (أنت لست كفاية) لا أقاومه، بل آخذه معي و(أفجر جبهته) كما يقولون بالحقائق حتى يتلاشى بنفسه. السؤال الأهم، هل لازلت أستمد قيمتي فقط مما أفعله؟ للأسف لازلت أحاول أن أهذب نفسي وأقنعها بأنني كإنسان، كرمني الله وسخر الكون لي وأن قيمتي هي في إنسانيتي وكينونتي وليس فيما أفعل، ولكنه لازال صراعا لم نعلن فيه فائزا بعد. أحيانا أفكر بأن صراعاتنا الداخلية، مشاعرنا الصعبة والمضطربة كلها جزء من خلق الإنسان في كبد. من قال بأن البلاء يجب أن يكون محسوسا؟ سنؤجر على مشاعرنا الصعبة التي نكابدها بإذن الله، ونسأل الله أن يجعلنا دائما نجوما مشعة في سماوات صافية.

هتون قاضي

٥/١١/٢٠٢٢

الخيبات

Posted on

هل من اللائق أن يتحدث الإنسان عن خيباته؟ يلح علي هذا السؤال كثيرا. كشخص يزعم أن لا مشكلة لديه في التحدث عن خيباته وإخفاقاته، إلا أنني وجدت بأنني لست بذاك الصدق مع نفسي في هذه النقطة. نعم، لا مشكلة لدي بالاعتراف بأخطائي والتندر عليها، كما أنني اتحمل مسؤوليتها كاملة وبتطرف أحيانا. ولكن، هل أستطيع بذات السهولة التحدث عن صراعاتي الداخلية؟ عن مشاعري المتضاربة؟ عن تأرجحي بين الحزن والرضا من غياب أساسيات في حياتي؟ عن محاولاتي الدائمة لترضية نفسي بإخبارها أنه من العادي جدا أن يكون في حياتنا نقص، وأن علي النظر للجزء الممتلئ من الكأس، ولكن هل هذا أصلا ممكن؟ إذا كان النقص حقيقة مؤلم، هل لازالت نظرية الكأس الممتلئة صالحة للاستخدام؟ هل من العدل أن أطلب من شخص متألم ويعاني من غياب شئ بأن عليه التقليل من قيمة هذا الشئ فقط ليكون إنسانا جيدا وممتنا؟ هل من الممكن أن يكون الشخص واقعيا وراضيا وحزينا في ذات الوقت؟

فلسفيا، قد يكون من المفيد أحيانا أن يتوقع الشخص أسوأ السيناريوهات ويستعد لها ويحاكيها، وسيكتشف عندها بأن قلقه من وقوعها أشد وطأة من وقوعها الفعلي. هذا النمط من التفكير يعتبره الكثيرون في عصر “دلاخة التفاؤل” تشاؤما وسوداوية، في حين أنها قد تكون نظرة عقلانية واقعية ليس إلا.

مثلا، أنت حاليا وحيد وتحتاج لشريك. ماذا إذا عشت وحيدا طوال عمرك؟ مالذي سيحدث؟ هل ستموت كمدا؟ غالبا لا. هل لديك صداقات وطيدة؟ قد لا تعوض الوحدة ولكنها ستزيد من جودة حياتك وتحسنها. هل كنت متزوجا سابقا ولديك أبناء؟ قد يتزوج أبنائك وينجبون لك أحفادا يدخلون السرور على قلبك. لديك عائلة ممتدة معروفة بالترابط؟ حسنا، هذا أمر جيد وسيساهم في جعلك تكبر وسط أناس يحبونك ويسألون عنك. هل تعمل؟ ممتاز، إذا سيكون لديك دخل ورعاية صحية تضمن لك عدم الحاجة. إذن نعم، الوحدة مؤلمة، والاحتياج العاطفي مضن ومتعب، وقد يبدو لك أن فرص إيجادك لشخص تحبه ويحبك وتتواؤم ظروفكما واحتياجاتكما شبه معدومة، ولكن هذا مدعاة للحزن وليس للهيستيريا، وشتان بينهما.

ما ذا إذا لم تتملك بيتا طوال عمرك؟ حسنا، لاداعي للجنون واستحضار المآسي. ما اسوأ السيناريوهات المحتملة؟ العيش بالإيجار؟ فليكن. قد يتطلب هذا منك العمل الدائم والمستمر دون كلل، ولكن أليس هذا نمط حياة معروف عند الكثيرين وبات من الممكن أن يعمل الإنسان حتى بعد سن التقاعد لتأمين دخل ولشغل الوقت؟هل ستتركك زوجتك لأنك وعدتها بالبيت ولم توف؟ حسنا هذا مؤلم، ولكن لو حدث فماذا ستفعل؟ تقتل نفسك حزنا وكمدا؟ أم تتعلم الدرس وتخطط أفضل للمستقبل؟ المحصلة أنك ستحزن، ولكن لن تفقد السيطرة إذا كنت واعيا.

ماذا إذا فقدت وظيفتك الحالية؟ يا الله لن أتحمل هذا. لدي قروض والتزامات، قد أفقد عقلي وصوابي. تعقل عزيزي قليلا، استحضر كل السيناريوهات وحاكها تماما. فقدان وظيفة دون تأمين أخرى أمر سئ ولا أحد يتمناه، ولكن لا أحد محصن ضده. هذا العالم هش، ومهما بدا نظام ما قويا ومتماسكا وعصيا على التفكك إلا أن كل شئ ممكنا، وما نحن إلا بشر ضعفاء نعيش في كنفه تعالى وأماننا وثقتنا فيه هو فقط وليس في أي نظام أو وظيفة. لن تتمكن من دفع قسط سيارتك؟ قد يأخذونها منك؟ بيتك الذي اقترضت من أجله؟ سيأخذونه؟ كلها قد تكون سيناريوهات محتملة، وضعها في عين الاعتبار والاستعداد نفسيا لها قد يساهم بصورة كبيرة من التقليل من القلق والتوتر واللذان لا طائل منهما سوى إفساد حاضرك بتصورات أكبر مما هي عليه حقيقة.

الخيبة والإحباط أمور سيئة، ولكن قد يكون تقبل وجودهما كحقائق حياتية أمر عقلاني وطريق للصحة النفسية. لن تكون الأمور دائما بخير، ولكن الخير الحقيقي هو تقبلها وتقبل المشاعر المصاحبة لها دون تجميل أو تغليف بائسين. نعم أنت حزين ولكنك لست بائس، أنت متألم ولكنك لازلت حيا، أنت محبط ولكنك مدرك لمشاعرك وملم بظروفك، وكل هذا خير.

تمنياتني لك عزيزي القارئ بكل الخير، وفي كل الظروف.

هتون قاضي،

أغسطس، ٢٠٢٢

%d مدونون معجبون بهذه: