خلاصة RSS

Monthly Archives: أوت 2023

أقبح امرأة في العالم

Posted on

دقيقة وقبل أن أبدأ واستباقا لما قد يجول بخواطركم، أود أن أذكر نفسي وأذكركم بأن هذه مساحة سرية آمنة خالية تماما من الأحكام. مساحة للأفكار والمشاعر المجردة. مساحة قد لا أعني بها نفسي شخصيا فنحن لسنا أفكارنا ومشاعرنا، نحن أعقد من ذلك بكثير.

قد يبدو العنوان قاسيا وغير منطقي. نعم نحن في عصر ال (body positivity) أو (النظرة الإيجابية للجسد) والتي من خلالها نتحرر من القوالب والأفكار المسبقة عن الجمال ونتقبل أنفسنا كما نحن بقناعة تامة وإيمان بأن لكل امرأة جمالها الخاص وأن التنوع هو الأصل والمسألة في الآخر أذواق وليس تفضيلات. وكإنسانة تخال نفسها متفتحة ومثقفة قد يغريني هذا الهراء (أقصد الكلام🤣) ومن المنطقي أن أتبنى هذا الفكر وأظهر أمام نفسي وأمام العالم بأنني امرأة واثقة ومقتنعة بأن مقاييس الجمال ماهي إلا اختراعات بشرية وبأنه لولا المقارنات لما شعرت أي امرأة بأنها أقل جمالا وبأن أي تصنيف لامرأة أو رجل بجميل/غير جميل هو بقايا جاهلية ومن مخلفات عصور الجواري.

ولكن، عيني في عينكم قليلا، هل رغم كل ما نقرأه ونسمعه ونحاول إقناع أنفسنا بأننا نؤمن به، ألا نحب الجمال ونرتاح له ونعامل صاحبه معاملة خاصة دون وعي منا؟ ألا نرى حولنا جميلي الشكل يحظون بفرص أفضل في الحياة؟ ألا نشعر نحن أنفسنا بأن الجميلين وإن شعر البعض بالغيرة منهم، إلا أننا نستكثر عليهم العناء والشقاء ودون شعور منا نقول (معقول هذا الجمال قد كدة يتعب؟). ألا نشعر أحيانا بالقلق والحزن لشعورنا بأننا أقل جمالا وأن حظنا من الحسن والبهاء لن يجعلنا نرقى لمراتب الفاتنين والفاتنات؟ ألا تؤرقنا علامات التمدد والسيلوليت والتجاعيد؟ ماذا عن الشعور بعدم الاستحقاق للحب وإعجاب الجنس الآخر؟ ماذا عن الدنيا التي تضيق وتضيق وتختصر في جسد لا نراه مستحقا للتقدير والإعجاب؟ ماذا حين تسيطر علينا فكرة أن شكلنا وهيئتنا ليست من الكمال ولا حتى قريبة منه، وأنه مهما كان ذكائنا وجمال شخصيتنا إلا أن افتقارنا لذلك الشكل الذي نتمناه لأنفسنا سيجعلنا دائما ناقصين؟

نعم، تضيق الدنيا ولانرى أبعد من أنف لا يعجبنا في وجوهنا. يتقدم العالم وتشرق الشموس وتبرق النجوم ونحن محاصرين في خصر لا نراه مستحقا للملابس الجميلة، يمضي العالم متقدما وتلك المسكينة تبكي أمام المرآة خوفا وقلقا من أن لا يعجب شكلها أحدا مهما تعالت أصوات (مو لازم تعجبي أحد، أهم شي انت عاجبة نفسك). نحن مجبولون على حب الشكل الجميل ،نتمناه لأنفسنا مهما قللنا من قيمته وأقنعنا أنفسنا بأنه لا يدوم وأن جمال الروح وتوقد الشخصية أفضل وأدوم. هذه الطبيعة مغروسة فينا كبشر ولولاها لما قامت لنظريات الإيجابية الجسدية قائمة ولما أجريت آلاف الأبحاث عن الجمال ومقاييسه وآثاره الاجتماعية. الجمال والبهاء رزق، لكل منا نصيبه ومنه، ولأننا بشر قد لا نقنع برزقنا ومن الممكن أن نسخط ونحزن ونقنت. وسواء رضينا أم سخطنا، نحن متفاوتون في الجمال كما نحن متفاوتون في الذكاء والغنى. وكما لا توجد أجمل امرأة في العالم، فلا توجد بالتالي أقبح امرأة في العالم، وما علينا سوى تهذيب أنفسنا والتأدب مع الخالق والرضا بقسمته وإن حاولنا التحسين ما استطعنا😁.

وتمنياتي لكم بأوقات “جميلة” دائما، ودمتم،

هتون