أعزائي القراء، أبشركم؛ رغم علمي المسبق والقديم بأن لا أحد منكم ينتظر مني هذه البشارة🤣؛ ولكني آثرت أن أبدأ بهذه البشرى لأنها حقيقة أسعدتني وأشعرتني بأهميتي وبمدى التأثير الذي يمكنني إحداثه في محيطي، البشرى هي أن وليمة العيد قد نجحت بكل المقاييس👏🏻. بداية من قطع اللحم المبهرة في الفرن، مرورا ب “المختوم” والذي يصنع بالصلصة الحمراء واللبن نهاية بفتة الرأس، كلها مجتمعة شكلت وليمة ليتني أجد مكانا لها في سيرتي الذاتية. طبعا لا ننسى الأرز المصنوع بمرق اللحم والمستكة والذي شكل طبقا رئيسيا بسبب طعمه اللذيذ وشكله البهي بحباته النثرية ورائحته الشهية. أما الحلويات، فبعد مدة طويلة من التخوف من صنع “البافلوفا” والتي هي عبارة عن قطعة كبيرة من المارنج أو ما اصطلح على تسميته ب “بيض الكوكو” عند المكيين، إلا أنني واجهت مخاوفي من الفشل وصنعتها وكانت تحفة فنية شكلا ومضمونا. إذا فقد حققت مستهدفاتي وأستطيع الركون للراحة في الأيام القلائل المتبقية من الإجازة، باركها الرب وحماها من سرعة المرور.
بعد هذه المقدمة المستوحاة من أجواء العيد، ما دفعني للكتابة اليوم هو زيارتي لخالاتي الحبيبات قبل عدة أيام واضطراري لمشاهدة حلقة تلفزيونية لبرنامج حواري نسائي مخضرم لم يتبقى منه بعد كل هذه السنوات سوى إسمه. حسنا، لنتفق أولا أن قضيتي ليست في البرنامج ولا سنوات عرضه ولا مقدماته، أبدا إنما بالعكس، لطالما كانت الاستمرارية مع التطوير أمور محمودة، كما أن استمرار برنامج لسنوات طويلة عادة يكون دليلا على نجاح القالب المعروض من ضمنه مع إمكانية القناة التي تعرضه من استقطاب أسماء وفريق إعداد قادرين على الاتيان بالجديد.
ولكن، واعتقد بأن المقدمة السابقة حتمت وجود لكن كبيرة، ما رأيته في حلقة ذاك البرنامج أصابني بالإحباط والملل والكثير من الحموضة. أظن أن الحلقة كانت ختاما للموسم، مما استرعى استضافة نجمة من نجوم الصف الأول. وبما أن جهاز التلفزيون كان مفتوحا، فقلت لنفسي لنستمع، لعل هناك جديد أو إثراء من أي نوع.
تحلقت المذيعات حول الضيفة، والتي أعتقد بأنها نسيت ارتداء القطعة السفلية من ملابسها. والصراحة حين رأيتها جالسة بملابس بدا لي أنها محتشمة علويا، قلت في نفسي أنه من الأكيد أن هناك كارثة سفلية. وقتها تذكرت مقطعا لهاني رمزي من فيلم “محامي خلع” حين طلب من موكلته أن ترتدي لباسا لائقا غير مكشوف في المحكمة، فجاءته مرتدية قميصا وجاكيت محتشمين مع تنورة شديدة القصر، فهمس لها مغتاظا “هوا انت لما تقفلي الشباك، لازم تفتحي بير السلم”، وهذا ما تبدى لي وللمشاهدين حين قامت الضيفة من مكانها بملابس فائقة القصر. ولكن يا هتون لا تكوني متزمتة وسطحية، لعل الحوار مثر والنقاش يجلب مفاهيم جديدة تفتح أذهاننا وتجعلنا نتعاطف مع التجارب البشرية.
ويا للحوار الباهت. أظنهم لو قلبوها لمسابقة “كم مرة تم ذكر عبارة علاقة سامة” أو “كم مرة أفتت المذيعات والضيفة في من هو الشخص النرجسي” لكان الموضوع مفيد ومسل أكثر، أقلها كنا انشغلنا بشئ آخر عدا رأي إحدى المذيعات “أنا جدا جدا ما أحب الرجل الكاذب”، يا للهول، ماهذا الرأي الخارق الجديد؟ لماذا تكرهين الكذابين؟ لم أر في حياتي شخصا يكرههم؟ من أين أتيت بهذا العمق يا أختاه؟ أو النقاش العظيم بين المذيعات والضيفة عن أهمية الكرم وكيف أن الرجل البخيل لا يطاق. يا الله، في حلقة واحدة تم نسف البخيل والكاذب، ما هذا الإثراء؟ ما هذه المعلومات المفيدة؟ ما هذا الحوار المثري ووجهات النظر المتفردة؟ أحقا لا زلتم تعلكون في هذه المواضيع؟ لا بأس بذلك بالمناسبة، فنحن ومنذ الأزل نعلك المواضيع، ولكن نريد فقط بعض الإضافات، بعض الجديد، وأرجوكم لا نريد سماع كلمة “علاقة مسمومة”🤢، لا للمزيد من الإفتاء في العلاقات، لا للمزيد من العلك في ما يحبه الرجل في المرأة وما تحبه المرأة إلا إذا أبهرتمونا بالجديد، عدا ذلك ارحمونا وارحموا أنفسكم لأنكم كلكم أصبحتم مررررررة توكسيك “شديدو السمية”.
فوضى الافتاء في العلاقات أصبحت مضحكة. فحين كان الجميع يفتي في الدين في التسعينات وكانوا يتحلقون في الجلسات لمناقشة الأمور الدينية يتصدرهم عديمو العلم معسولو اللسان، أصبح الآن الجميع يفتي في العلاقات، وبدل التحلق حول مدعي العلم الشرعي، أصبح التحلق حول خبراء بأسماء لعلوم زائفة لابد أن يتخللها كلمات مثل الوعي وجودة الحياة، تعددت التسميات والتحلق واحد، ومدعي العلم هم أنفسهم والمستفتين الذين لا يفرقون بين الحقيقي والزائف هم أيضا أنفسهم، هي عقلية تهوى الاستفتاء والفتي وتبني القضايا أيا كان مصدرها، ولعها موجة وستنتهي وتنحسر كما انحسر غيرها، وحتى ذلك الوقت، نسأل الله أن يرزقنا محتوى متوازن ومسلي نتصبر به على الغثاء.
ودمتم،
هتون